البيذام شجرة مثمرة، كانت تزين باحات الكثير من البيوت الإماراتية، حيث يلعب الأطفال تحت ظلها ببراءة، وقد يتسلق البعض أغصانها ليلتقط ثمارها، أو يتم رميها بالحجار لتتساقط منها «حبات البيذام» الغض أو الناضج، وهكذا ارتبطت هذه الشجرة بذاكرة الكثير من المواطنين.
شجرة اللوز الاستوائي (البيذام)، التي يسميها البعض «شجرة الدار» ليست كبقية الأشجار التي تزرع في المنازل، إذ أن لها مكانة خاصة في قلوب أهل الإمارات وذكرياتٌ عالقة في أذهانهم، حيث كانت تتوسط الساحة الترابية أو تأخذ جانبا منها على الجدار لتطل على شارع الفريج، كشجرة خيرة يلتقط ثمارها المارة، ورغم ذلك كانت تعتبر الشجرة المحببة والمدللة والوحيدة التي يحرص أهل الخليج على زراعتها والاهتمام بها وأكل ثمارها والاستفادة من أوراقها وأغصانها، بل وتقريبها من حياتهم، كما حال تعلقهم بالنخيل.
ظل ممتد
ويتراوح ارتفاعها بين 9 إلى 12 مترا، وتبدأ أوراقها بالتساقط في عمر من 3 إلى 4 سنوات بواقع مرتين في السنة، ففي فصل الخريف يتحول لون الأوراق إلى اللون الأحمر أو النحاسي أو الذهبي».
ويصف المطروشي الشجرة، قائلا: «ثمرة البيذام ذات شكل بيضاوي وتتلون باللون الأخضر قبل النضج، ثم يتحول إلى الأصفر، أو الأحمر الأرجواني، والثمرة عبارة عن لوزة خشبية ذات ألياف ويحيط بها طبقة طرية من الألياف تُسمى الجوزة، وهي الجزء الصالح للأكل، وهي التي يتحول لونها من اللون الأخضر إلى الأحمر الأرجواني أو الأصفر عند النضج»، مشيرا إلى أن اللوز البحري يختلف عن اللوز التجاري العادي من حيث إن الأول يمكن أكله طازجا من دون تجفيف، ويمكن استخراج الزيت من جوز البيذام المجفف، لاستخدامه في الطبخ، كما يمكن تجفيف البذرة ذات الألياف الخشبية، ومن ثم كسرها، لاستخراج النواة (الصلام) وهي جافة، والتي يمكن أن تؤكل مفردة كنوع من المكسرات، أو تخلط مع المكسرات الأخرى، لاستعمالها في صناعة بعض الحلويات المحلية المعروفة.
ذكريات جميلة
يلفت الستيني عبدالله خميس إلى طريقة قطف ثمار اللوز، مبينا أنه يتم عن طريق تسلق الشجرة وهزها لأكثر من مرة، أو من خلال عصا أو عبر استهداف الثمرة ورميها بحجر صغير.
ويؤكد خميس أن للشجرة ذكريات جميلة مازالت عالقة في ذهنه، ويقول «بعد فترة من لعب الصغار يستلقي مجموعة منهم تحت ظلال الشجرة كبيرة الأوراق ويبدأون بأكل اللوز والتحدث والضحك خاصة عندما يقوم أحدهم بأكل ثمرة اللوز دون انتباهه لتواجد الدود فيها، وبعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة من اللعب برشق بعضهم بعنقاشة اللوز «بذرة اللوز الكبيرة»، ومن ثم يجمعون البذور في مكان مكشوف لأيام عدة حتى تجف تماما، ويقومون بكسر البذرة ليجمعوا «البيذام» الذي بداخل البذرة والذي يتميز بطعمه اللذيذ».
ويوضح خميس، الذي يزرع الكثير من أشجار اللوز في مزرعته «يعد موسم الصيف هو التوقيت المناسب لجني هذه الثمرة التي تعرف باسم شجرة اللوز الاستوائي أو البحري أو الهندي، وهي تعد واحدة من الأشجار الأكثر شيوعا في جميع أنحاء جنوب اليمن وعمان والهند وماليزيا وأجزاء أخرى كثيرة من جنوب شرق آسيا»، لافتاً إلى أنه يمكن زراعتها في المزارع والمنازل والحدائق والمتنزهات العامة لتعطي لمسات جميلة وبارزة للمكان.
ارتباط وثيق
لشجرة اللوز ذكريات جميلة في حياة الكثير من العائلات الإماراتية، إلى ذلك، تقول خولة سعيد موظفة (وربة أسرة) إن زراعة شجرة اللوز في باحة المنزل من أهم الأشجار التي لابد أن تكون موجودة، فهذه الشجرة لها ذكريات جميلة معها حين كان أفراد الأسرة في المساء يجتمعون تحت ظلها يلتقطون حباتها الشهية الصغير منها والكبير ويستمتعون بمذاقها.
ويؤكد فيصل خليفة (رب عائلة) أنه لا يمانع البتة في زيارة الأطفال لمنزله وأخذ اللوز، لأن نمو اللوز في منزله جاء نعمة من الله يردها له شكراً عبر السماح للجميع بتناوله، لذلك فالبركة متواجدة فلا تنقطع ثمار اللوز طوال الصيف، بل إن الشجرة تزيد كمية وجودة إنتاجها عاماً بعد عام.
من جهته، يقول الخمسيني عبيد النقبي من المنطقة الشرقية «ما أن يهل فصل الصيف وتبدأ تباشيره بالظهور حتى يبدأ الأهالي بجني الخيرات التي من بها الله عليهم ولتخفف عنهم حر الصيف اللافح».
وعن ذكرياته مع هذه الشجرة، يقول النقبي «عندما كنا أطفالا كنا نبحث عنها في منازل الجيران وهم نيام حتى وإن كانت وسيلتنا القفز من فوق الأسوار لجمع «البيذام» بعد إسقاطه بالعصا وجمعه والهروب إلى مكان ظليل بعيدا عن العيون فيجلس الجميع ليتلذذ بأكله».
البيئة المناسبة
في السياق ذاته، يورد خميس أن شجرة اللوز تتميز بتحملها للحرارة المرتفعة خلال فصل النمو، ومن هذه الناحية يعتبر اللوز من أشجار المناطق النصف استوائية والتي تتصف بمناخها المعتدل.
كما وأن شجرة اللوز من الأشجار التي تتحمل الجفاف حيث احتياجاتها للماء قليلة، لذا يمكن أن تزرع في مناطق بعلية قليلة الرطوبة.
كما لا تتطلب شجرة اللوز أي احتياجات خاصة للتربة، فإنها تعيش بأغلب أنواع التربة وخاصة التربة الفقيرة، مشيرا إلى أن الأصناف المتأخرة النضج والأكثر إنتاجية يمكن أن تزرع في تربة رملية طينية، وترب انجرافية تراكمية بنفاذية عالية، حيث تنمو بشكل قوي جيد، مؤكدا أنه يجب الابتعاد عن الأراضي الثقيلة ذات مستوى ماء أرضي مرتفع حيث الأشجار المزروعة في مثل هذه الظروف، لا تعيش طويلاً وتموت في زمن مبكر والمحصول منخفض وغير نظامي وبنوعية رديئة.
وعن طريقة تكاثر الشجرة، يقول خميس «تتكاثر اللوز بالبذور التي يتم جمعها في فصل الصيف بعد نقعها في ماء لمدة 24 ساعة ثم توضع في المهاد المجهزة بمخلوط من التربة الرملية، حيث تزرع في عمق يوازي مستوى بذرة اللوز وتوالي عملية الري المنتظم حتى الإنبات والتفريد وعادة تحتاج بذور اللوز إلى 15إلى 30 يوماً من تاريخ الزراعة كفترة إنبات وتبلغ نسبة الإنبات 45-55%»، مشيرا إلى أنه من حيث القيمة التنسيقية عادة ما تستخدم كشجرة زينة لتحمي الشوارع وتوفر الظلال المناسبة في الحدائق، وثمارها تؤكل طازجة، ويستخدم خشبها في صناعة أعمدة التليفونات والعربات الخشبية، كما أن الزيت المستخرج من البذور الجافة صالح للآكل ويستخدم في الطهي.
ويوضح «تحتاج هذه الشجرة إلى التسميد العضوي مرة واحدة سنويا أما التسميد الكيميائي فثلاث مرات سنويا.
ولا تحتاج هذه الشجرة للتقليم نظرا لنموها المتماثل ويقتصر التقليم فقط على إزالة الأفرع المكسورة والميتة وشاذة النمو»، مشيرا إلى أنه يمكن أن تصاب هذه الشجرة بالديدان والبق والعناكب ويجب اتخاذ اللازم فور اكتشاف الإصابة باستخدام المبيد الحشري المناسب.
بستان اللوز
يراعى عند إنشاء بستان اللوز أن تزرع شجرة ملقحة لكل 20-25 شجرة، ورغم أن أصناف اللوز ذاتية التلقيح، إلا أن غرس عدة أصناف مختلفة يساعد على التلقيح والإخصاب، لذلك يجب اختيار الأصناف التي بينها توافق خلطي لضمان جمع محصول جيد، كما وأن وجود خلايا النحل يساعد أيضاً على التلقيح.
أما أوقات زراعتها فتغرس أشجار اللوز في شهري فبراير وديسمبر حيث يبدأ جريان العصارة في الأشجار، وفي المناطق البعلية يمكن التبكير في زراعة الأشجار للاستفادة من مياه الأمطار.
كما يجب أن تغرس أشجار اللوز على مسافة مختلفة بين الأشجار تبعاً للصنف والتربة البيئة وعادة تتراوح بين 5 إلى 7 أمتار، وبحسب الترتيب المراد إنشاؤه، وطبيعة ميول الأرض، بحيث تزداد المساحة في الأراضي المروية وتقلل في الأراضي البعلية
أوراق عريضة
تتصف شجرة اللوز بأوراقها العريضة الكبيرة، فيما يتميز بلذة طعمه، ما يجعله مرغوباً من الصغار والكبار. وتنبت ثمار اللوز في فصل الصيف، متزامنة مع موسم الرطب. ويحمل ثمر اللوز لونين، الأحمر وهو من أشهر أنواعه. فيما يوجد نوع أصفر، ويختلف طعمه بحسب ألوانه.
ري منتظم
تحتاج شجرة اللوز إلى الري المنتظم خلال المراحل الأولى لزراعتها في المكان المستديم وهذه الشجرة مقاومة لدرجات الملوحة التي تصل إلى 4500 جزء من المليون، ويراعى تخفيف الري في وقت حمل الشجرة للثمار، ويعتبر نظام الري بالتنقيط هو الأمثل لري هذه الشجرة.
طعام صحي
العديد من أهالي الإمارات يقبلون في هذا الوقت من السنة على شراء ثمرة اللوز التي تتوافر في الأسواق، ويتراوح سعر الكيلو جرام منها ما بين 10 إلى 30 درهماً بحسب الحجم.
في هذا الإطار، يؤكد محمد صديق، أحد باعة هذه الثمرة الموسمية، الإقبال عليها خاصة من قبل كبار السن، حيث يعتقدون أنها تعالج كثيراً من الأمراض خصوصا ما يتعلق بالسمنة، منوها إلى أن الثمرة عند أكلها لا يمتص الجسم جميع الدهون فيها، الأمر الذي يجعلها طعاماً صحياً قليل السعرات.
ويضيف «كثير من الناس تعودوا على شراء هذه الثمرة في كل موسم، فهي تعد مصدراً جيداً لبعض العناصر الأساسية، لبناء العظام مثل الكالسيوم، ويحتوي لبها على الفوسفور». جريدة الاتحاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق