تشكل الحدائق الواجهة الجمالية للمنازل وقلبها النابض، وروحها التي تتنفس عشقاً وجمالاً، فلا يمكن أن يتخيل المرء منظر تلك المساحة الحاضنة لمملكته وعالمه الخاص، مجرد ساحة صماء جرداء، تعثو الرياح برمالها الخاوية من معاني الحياة ليكسوها رداء الظلمة والصمت المقيت الذي بطبيعة الحال ينعكس سلباً على النفس الإنسانية قبل أن يؤثر على جمالية البناء المعماري الذي لا يكتمل رونقه من غير الرداء الأخضر الذي يجعل المكان يصدح جمالا وبهاءً.
تحفة بديعة
والمساحة الخارجية المهجورة يمكن أن تستقطب الأضواء، وتتحول إلى تحفة بديعة ومنطقة جذب إذا ما تم توزيع عناصر ومكونات الحديقة بطريقة منهجية صحيحة، لجعل المكان أكثر من مجرد ممر أو ساحة نشق بها طريقنا لتقودنا إلى باحة المنزل وردهاتها الداخلية، وقد عمد مصممون مستلزمات الحدائق، على تقديم منتجات وعناصر، تمنح الكثير من الأفكار لجعل الباحة الخارجية مكسوة بفن وذوق وإبداع، فلا يمكن أن يباشر المرء في جلب مكونات الحديقة قبل أن ينطلق في رسم وتحديد مساحة الفناء الخارجي والعمل على تحديد الفكرة أو النمط المراد جلبه في حيز هذا الفناء، والذي لا بد أن يكون امتداداً لطبيعة البناء المعماري الذي بكل تأكيد يحدد شكل الحديقة وتفاصيلها وملامحها، وهذه النقطة لا يمكن تجاهلها، حتى لا تعطي لوحة غير متكاملة ومتجانسة، تفقد المكان قيمته وجاذبيته.
وبمجرد تحديد الفكرة، واتضاح الرؤية يصبح العمل هيناً وبسيطاً، وذلك من خلال زيارة قصيرة للتعرف إلى الكثير من الأفكار والتصاميم لعناصر ديكورات الحدائق التي تبهرنا بها المحال المتخصصة في هذا الإطار، وتعطينا المزيد من الأفكار في عملية تصميم الباحة الخارجية وتحويلها إلى ساحة بديعة وجذابة، ومحطة مهمة لتمضية الوقت فيها وحتى استقبال الضيوف.
ولكن حتى لا نحول أفنية المنازل إلى ساحة خانقة ومزدحمة بمكونات وعناصر الحديقة، لا بد من دراسة المساحة جيداً، وترك مساحة كافية بين محطة وأخرى من الحديقة، تجعل المرء يستمتع بكل حيز ومحطة من الحديقة بالصورة الذي يرغب بها، دون أن تؤثر منطقة على أخرى، فلا يجد فيها المرء الراحة والاسترخاء والهدوء الذي ينشده في المكان.
تحقيق التوازن
ويؤكد خبراء التصميم في «ذوان للأثاث»، أن عملية تحقيق التوازن أمراً مهماً ومشروطاً عند تصميم الحديقة وتوزيع عناصرها، للحصول على نتيجة جيدة وأكثر جمالية في المكان، مع ضرورة التدرج في عملية توزيع قطع وعناصر الحدائق، وذلك بالتقليل من قطع هذه العناصر، خصوصاً في المداخل أو الممر الرئيس الذي يقود إلى مدخل الفيللا، حيث يمكن أن توزع على أطرافها «الفازات» أو الأحواض الفخمة والأنيقة التي تحمل بعض ملامح البناء المعماري وطرازه، ليقبع بكل هدوء على جانبي باب الفيللا، وتتدلى منها إكليل الزهور الموسمية، أو شتلات من النخليات القزمية التي تبرز جمالية المكان ولا تؤثر أو تحجب تفاصيل وملامح البناء.
وفي الساحة البعيدة عن البوابة الرئيسية أو الباحة الخلفية من الفيللا، يمكن أن تجعل مكونات الحديقة كمحطة الجلوس التي تعتبر محوراً مهماً توزع حولها الكثير من عناصر الحديقة لتحقق الهدف الذي على أساسه صممت ووجدت مثل هذه الحدائق وهي الراحة والمتعة والخصوصية، ليشعر المرء بمزيد من الطمأنينة التي هي جوهر الراحة النفسية.
طراز معماري
ويتم انتقاء قطع أثاث الجلوس كما أشرنا سابقاً بناء على طبيعة الطراز المعماري للمكان والبيئة المحيطة، فهناك الحديد المشغول الذي يعود إلى الطراز الفيكتوري، فيما نجد عنصر القصب يبدو رومانسياً أكثر وينقلنا إلى حيث الشرق موطنه الدافئ، كما يظهر الخشب ريفياً بسيطاً وطبيعياً أكثر، ومن هذه الجلسات أيضاً منتجات من البلاستيك، تعد مادة حديثة وعملية، وأكثر تحملاً لظروف البيئة المحلية عن غيرها من الخامات الأخرى، عوضاً عن خامة الحديد الذي يمكن طلاؤه بمواد عازلة، ليبقى محافظاً على شكله ومتانته فترة زمنية طويلة.
والعناية بهذه القطع وتنظيفها من حين إلى آخر أمر ضروري حتى تبقى هذه المحطة مستعدة دائماً في زيارة أي ضيف يرغب في أن يجعل يومه متجدد وأكثر حيوية ونشاط.
ويؤكد خبراء «ذا وون» أن هذه المحطات بكل تأكيد لا تكتمل دورها دون أن توزع على أطرافها بعض الشجيرات المزهرة ذات رائحة عبقة، كالجاردينيا والياسمين وغيرها من الشتلات التي تثري بوجودها المكان، وذلك بزراعتها في الأرض المستديمة لها أو وضعها في أحواض كبيرة زاهية.
كما يلفت خبراء التصميم إلى أن عملية إدخال الجدران كديكور للحديقة يضيف ميزة جمالية ويجعل الحيز أكثر خصوصية وإبداعاً عندما توزع عليها بعض المعلقات وإكسسوارات الحدائق لتتحول إلى تحفة جدارية نابضة بالحياة.
ولا يمكن أن ننسى وحدات الممشى التي أيضاً نجد منها الكثير من التصاميم المتميزة والمبتكرة التي تجعل الحدائق مختلفة وغير مكررة في مظهرها وشكلها.
والمجال واسع أمام المرء في انتقاء ما يترجم بها رؤيته وفكرته عند تخطيط حديقته الخاصة، وتحويل المكان إلى ساحة غنية وملهمة من الطبيعة الساحرة التي تجعل لحظة الجلوس والوجود في أحضان الحديقة يوماً مختلفاً وأكثر ابتهاجاً ومتعة للنفس.
فقطعة واحدة من مستلزمات الحدائق قد تصنع الفرق في المكان، مثل أريكة تنتظر من يتوق الغوص بين دفتي كتاب وقد استسلم للراحة عليها، أو حبال متدلية من السقف للتأرجح عليها، أو أحواض للشتلات أو إنارات غير تقليدية في شكلها، أو وسائد مشغولة بكل دفء تثري المقاعد، أو تحف جلبت من أعماق الطبيعة لترسو على طاولة خشبية، والكثير من القطع التي تجعل من الحديقة ملاذاً للاسترخاء فيها والمكان المفضل لاستقبال الضيوف ومشاركة الأصدقاء متعة الوجود في أحضان الطبيعة التي تكسب المكان أناقة بديعة خلاقة متوجة بعناصر الطبيعة. جريدة الاتحاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق