السبت، 30 مارس 2013

دبي تختار طريق الطاقة صديقة البيئة



على خطى شقيقتها أبو ظبي

تخطط دبي للحصول على 5 في المائة من احتياجاتها من الطاقة عام 2030 من مصادر متجددة، في مقدمتها الطاقة الشمسية.
تخطط دبي للحصول على 5 في المائة من احتياجاتها من الطاقة عام 2030 من مصادر متجددة، في مقدمتها الطاقة الشمسية.
سيميون كير من دبي
أدى انتعاش اقتصادي في دبي إلى إطلاق شرارة جهد حكومي لتطوير مصادر طاقة متجددة، وضمان عدم تكرار معاناة رافقت تلبية الطلب على الطاقة خلال الطفرة الإسكانية الأخيرة في الإمارة.
وكانت فترة التوسع السريع حتى عام 2008 بقيادة العقارات قد أنتجت سلسلة من حالات التأخير في تسليم العقارات؛ بسبب متاعب واجهتها هيئة الكهرباء المملوكة للدولة في مواكبة زيادة سنوية في الطلب بلغت نسبتها 17 في المائة. والآن تعكف المدينة التي عاد إليها النمو مع استعادة قطاع الإنشاءات لعافيته بفضل موجة من رؤوس الأموال الأجنبية، على وضع الأسس لجولة أخرى من التوسع في البنية التحتية، بدءا من المشاريع السياحية إلى المجمعات السكنية الضخمة.
لكن هذه المرة، تقول هيئة الكهرباء والماء في دبي إنها مستعدة بشكل أفضل لمهمة توفير خدماتها الأساسية إلى السكان. وتأمل الهيئة في الحدّ من استخدام المياه والطاقة في مدينة غير معروفة بالاقتصاد في الاستهلاك.
يقول سعيد الطاير، العضو المنتدب لهيئة الكهرباء والماء: ''في دبي، من الصعب حتى التنبؤ بالنمو''.
ويلاحظ أن الطلب على الكهرباء سجل نموا سنويا بنسبة 6 ـ 12 في المائة بين عامي 2007 و2009، على الرغم من انهيار اقتصاد المدينة عام 2008 بسبب انفجار فقاعة العقارات. والآن تتوقع هيئة الكهرباء والمياه نمو الطلب السنوي بنسبة 5 في المائة؛ ولهذا تعمل على ضمان إدخال توربينات جديدة في خلال فترة وجيزة لمنع أي قصور.
وبحسب الطاير، الطاقة الإنتاجية كافية لتغطية الاحتياجات في السنوات القليلة المقبلة، لكن الإمارة تظل في حاجة إلى إنفاق مليارات الدولارات لمواكبة الطلب على المدى الطويل. وزادت الطاقة الكهربية بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 9700 ميجاواط خلال الفترة من عام 2011 إلى 2012، فيما زادت طاقة المياه بنسبة 17 في المائة إلى 470 مليون جالون يوميا. ولا يتم إنتاج كل الطاقة الكهربية تقريبا من خلال توربينات تعمل بالغاز الطبيعي الذي تصل إمدادته من قطر المجاورة ومن أبو ظبي، عاصمة الإمارات.
ومع وجود حاجة إلى مصادر جديدة لإمدادات الغاز في نهاية المطاف، كما يقول الطاير، أصبح الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري يشكل أولوية. ويضيف: ''وهذا يفسر لماذا نريد وقودا متنوعا. لا ينبغي لنا الاعتماد على الغاز ــــ إنها قضية استراتيجية''.
وبحلول عام 2030، تعتزم دبي أن تكون مصادر طاقتها كالتالي: 5 في المائة طاقة متجددة، 12 في المائة طاقة نووية، 12 في المائة ''فحم نظيف''، و71 في المائة من الغاز. ويأتي العنصر المتجدد أساساً من الطاقة الشمسية، عن طريق محطة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.
ومنحت الحكومة عقد المرحلة الأولى من الإنشاءات إلى شركة فيرست سولر التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، لبناء محطة كهروضوئية متواضعة بقوة 13 ميجاواط سيتم افتتاحها في وقت لاحق هذا العام. وتجيء خطوة دبي هذه بعد أن أطلقت جارتها أبو ظبي الشهر الماضي أول محطة كبيرة للطاقة الشمسية، لإضاءة 20 ألف منزل.
كذلك تعكف دبي الآن على خطط للسماح لأصحاب المنازل بنصب ألواح شمسية فاعلة من حيث التكلفة، لتوفير الطاقة للاستخدام المنزلي ولتغذية في الشبكة العامة.
وبالنسبة للطاقة النووية، فقد تم إسنادها إلى العاصمة أبو ظبي، حيث يتجه ائتلاف كوري جنوبي لبناء أول مفاعل من بين أربعة مفاعلات بحلول عام 2017، ومن المقرر بناء الثلاثة الأخر في عام 2020. ومع أنه لا يزال على دبي أن تتفاوض بشأن عقد توريد مع أبو ظبي ـــ التي ضمنت قروضا بمبلغ 20 مليار دولار إلى دبي المثقلة بالديون خلال الأزمة المالية ـــ إلا أن لدى دبي سيطرة أكبر على خطط الفحم.
وأسقطت دبي خططا لبناء محطة مياه وكهرباء مستقلة في شراكة مع القطاع الخاص ـــ محطة هاساين بمبلغ 1.3 مليار دولار ـــ مفضلة الفحم بدلاً من التوربين العادي الذي يعمل بالغاز.
ومع أن محطات الفحم النظيف عالية التقنية تلقى شعبية في أماكن أخرى عالمياً، إلا أن دول الخليج لم تتبن بعد هذا النوع من المحطات عالية التكلفة، لكن الملائمة أكثر للبيئة من المحطات التي تعمل بالغاز. ويقول روبن ميلز، الخبير الاستراتيجي في شركة منار لاستشارات الطاقة: ''إذا مضوا قدماً مع احتجاز الكربون في محطة بهذا الحجم، فسيكون ذلك تحدياً كبيراً''.
وفي مدينة معروفة بالنزعة الاستهلاكية، من مراكز التسوق العملاقة إلى البوفيهات التي تحتوي على كل ما يمكن أكله، فإن غرس ثقافة الاعتدال سيكون أمرا صعبا. وقد وضعت هيئة الكهرباء والمياه هدفا يتمثل في تخفيض الاستهلاك بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030. وبحسب الطاير، ارتفع الطلب السنوي على الكهرباء خلال الأشهر القليلة الماضية بنسبة 6 في المائة، ما يدل على انتعاش الاقتصاد ووجود زيادة مطردة في عدد السكان.
وستكون هناك حاجة إلى الجمع بين الترغيب والترهيب لترويض هذا الطلب. ويتضمن الترهيب رفع تعرفة الكهرباء والمياه عام 2011، وهي خطوة أثارت جدلا. ويحصل مواطنو الإمارات على الماء بسعر مدعوم بشدة. ويشكو المغتربون الذين اعتادوا على نمط حياة خال من الضرائب، من زيادات في الفواتير ويصفونها بأنها انتزاع خفي للمال تمارسه حكومة الإمارة المدينة.
ويقول الطاير، واضعا التذمر جانباً، إن زيادة التعرفة حققت هدفها، بتقليصها الطلب على الطاقة بنسبة 3 في المائة وعلى استهلاك المياه بنسبة 7 في المائة.
وتأمل هيئة الكهرباء والمياه في خفض الاستخدام عن طريق برامج التعليم العام والعمل مع القطاع الخاص لتقديم مبادئ توجيهية جديدة بشأن المباني صديقة البيئة.
واستخفّ قليلون بحجم التحدي أمام هذه المدينة التي تنمو بسرعة والتي يصل عدد سكانها الآن إلى مليوني نسمه. وكما يقول ميلز: ''يتزايد الطلب الإجمالي مع عدد السكان، وهذه مشكلة بالنسبة لهم''. جريدة الاقتصادية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق