إحدى مراحل صنع الجميد المصنوع من شجرة اللومي. "الاقتصادية"
تنفرد الأحساء بصناعة "الجميد" وهو خلاصة عدد هائل من "اللومي" الأحسائي الذي يتحول بعد تعرضه لحرارة الشمس إلى مادة لزجة بنية اللون شديدة الحموضة يشبه المربى، وكلما مال إلى الاسوداد كان مركزا وحامضا أكثر، وتكفي ملعقة واحدة منه لصنع لترين من العصير.
وتؤكد أم حسين مختصة في هذه الصناعة، أن "الجميد" يحتاج إلى عناية خاصة، حيث يجب الحرص على ألا تصل إليه قطرة ماء، ولا يستخدم في عصره غير الليمون الجيد، أما "اللومي" الفاسد فيستبعد، لأنه يتسبب في إفساد "الجميد"، وتشير إلى أن موسم قطف "اللومي" لون من ألوان الاتحاد الأسري، بحيث يتجمع البنات والأولاد على مائدة تعصير يتولى واحد أو اثنان مهمة تنصيف "اللومي" بالسكين ويعمل الباقون على العصر.
وتفصّل أم حسين خطوات "الجميد" فتقول: بعد الفراغ من عصر "اللومي" يصفّى العصير من البذور بمشاخل يدوية ويوضع في أوان وقوالب زجاجية بسعة قدور الطهي، ثم تغطى بقطعة قماش ويحكم غلقها وتترك على سطوح المنازل حتى تتعرض لأشعة الشمس، وتراود من فترة لأخرى حتى يتكثف العصير ويصبح متماسكا ولزجا، ويتغير لونه من الأصفر إلى البني الغامق.
ويثني الباحث المهندس عبد الله الشايب مدير مركز النحلة للصناعات الحرفية في الأحساء على إحاطة المرأة الأحسائية بطرق حفظ الأغذية، حيث إنها تعمل على تخزين "اللومي" ليبقى صالحا للاستخدام على مدار السنة، إضافة إلى "الجميد"، فهي تجمد بعضه في أكياس بلاستيكية مع إضافة السكر، وتعتق بعضه تحت الشمس في قوارير زجاجية مع إضافة الملح والفلفل، وما يتبقى فإنها تطرحه تحت الشمس حتى يجف، ثم تطحنه وتضيفه إلى المأكولات كنوع من البهارات.
وأكد الشايب أن الأحساء هي الموطن الأصلي لشجرة اللومي، ومنها انتشرت إلى المناطق والدول الأخرى فوصلت إلى عمان وغيرها، وتعتبر هذه الشجرة أحد المنتجات الرئيسة في واحة الأحساء، ويشير إلى أن عادة تكاثر الشجرة عبر الغصون المتدلية والفطام جاء متأخرا، بحيث إن عملية تكاثرها عند الأحسائيين كانت بواسطة الغصون السفلية التي يطلق عليها بـ "الراعية" بغرض مداراتها عن ريح السموم وما يضمن لها حملا أكثر.
وكشف عن خطة الأحسائيين في الحصول على إنتاجين في موسم واحد، وذلك بزرع شجر اللومي بين كل أربع نخلات تبادليا.
وعن أطوار نموها يقول الشايب: تحتاج شجرة اللومي إلى أربع سنوات لتبدأ الإنتاج، أما قمة إنتاجها فيكون بين السنة الثامنة و15 ثم تستبدل، وتنتشر في موسم الإزهار رائحة نافذة جدا بالمزارع، ولذا فإن "اللومي" الحساوي يتميز بنكهة خاصة أخاذة.
وأوضح أن غصون الليمون قوية، فإذا ما جففت تكون حطبا جيدا للنار.
ويوصف "اللومي" الحساوي بوفرة السائل مقابل ما فيه من ألياف، ما يجعله نموذجيا للعصر، معتبرا قلة البذور فيه خاصية تميزه عند استخدامه طازجا أثناء الموائد للسلطات (على الفجل والبقل) وعلى السمك وأثناء عمل أكلة الودمة. ويتهادى الأحسائيون في الموسم "اللومي" كما أنهم يحرصون على الإهداء في المناطق والدول المجاورة مثل: الرياض والقطيف والبحرين والكويت والإمارات، كما هو الحال مع تمر الخلاص.
ولصنع "الجميد" تستخدم النسوة صحون خزف صيني (لسهولة تجميعه بعد التركيز) في موقع ظل يتعرض للحرارة كرواق السطح.
ويعتبر الشايب تقديم عصير (شربت) لومي الجميد زيادة في الضيافة وتعبيرا عن العناية، ويعبر استمرار تقديم ذلك عن الكرم، لأن "الجميد" في الأصل يستهلك كميات كبيرة من "اللومي"، وأنه عرف عن بعض الوجهاء العناية به، بل يعتبر وسما بهم.
جريدة الاقتصادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق