الجمعة، 20 يوليو 2012

رائحة الماضي تعود.. مع الأواني الحجرية




وجبات في أواني حجرية تُطبخ على الجمر
    يتجلى نمط التواصل الاجتماعي في شهر رمضان المبارك إلى إحياء ثقافات اجتماعية وحضارية متعاقبة، مثل الأكلات الشعبية، والأزياء التراثية، غير أن العودة للأواني "الحجرية" المنحوتة من الأحجار، واستخدامها في تجهيز الوجبة الرئيسية في الإفطار، والمعدة من القمح واللحم وتسمى "الرقش" و"العريك"، تكاد تكون المشهد الأكثر خصوصية في البيوت الجنوبية والنجرانية.
وعلى الرغم من طوفان الإعلانات التجارية للأواني المنزلية، وخطوط الإنتاج التصنيعية التي تتنافس عليها علامات تجارية كبرى، معظمها قادمة من الشرق الآسيوي، إلاّ أن الأواني الحجرية، حافظت على قيمتها التاريخية والسعرية، التي تتباين أسعارها بين (50 و1000) ريال في الأسواق، وليس غريباً مثل هذا الاهتمام بالأواني الحجرية واستخدامها كميزة رفيعة تقدم فيها للضيوف أهم الأكلات الشعبية التي تميز أهل المنطقة، ومنها أوان للطبخ وحفظ الطعام، وبطرائق تصنيع متقدمة تقنيا رغم قدمها، سابقة بذلك عصر "حافظات الطعام" المصنعة حديثاً، حتى إن بعض الأواني يحفظ فيها "اللحم" المطبوخ بطريقة طهي معينة مع "الدهن"، تعرف شعبياً ب "الحميسة"، ويظل محافظاً على نكهته وطعمه لأشهر طويلة.
ويقطع "النحّاتون" الحجر لصنع الآنية الكبيرة، وما يخرج منها تصنع منه آنية أصغر، وهكذا حتى يصلوا إلى أصغر قطعة يمكن أن يصنّع منها إناء، وتسمى المجموعة الكاملة المستخرجة "كورجة"، التي تشمل عدداً من "المقالي" الكبيرة والصغيرة المتدرجة، وهناك آنية تسمى "المدهلة"، وهي تساوي قدر الضغط الحديث، حيث تطبخ فيها الأشياء التي لا تنضج بسرعة، وتُستخدم غالباً بوضعها فوق الحطب المشتعل في التنور لفترة غير طويلة، فينضج الطعام فيها بشكل مميز وسريع، خاصةً اللحم.
وما يُميز "المدهلة" أيضاً أنها تحفظ الطعام ساخناً لفترة أطول من الأواني العادية، ولا تفقد حرارتها إلاّ بعد مدة طويلة، لذا نجد أكثر المطاعم تقدم الطعام للزبون فيها حتى يظل ساخناً، خاصةً عندما تتنوع الأطعمة المقدمة، فيبدأ بأكل أنواع معينة من الطعام، ويترك البعض الآخر حتى النهاية، فيأتي إليها وهي ساخنة لم تفقد طعمها.
وتمتاز هذه الأواني بسعرها المرتفع نسبياً مقارنةً بالأواني التقليدية، نظراً لما يبذل فيها من جهد إضافي، إلاّ أن الحصول على تلك الأحجار يكلف الجهد والمال والمخاطرة، لكنها حرفة لا يمكن أن يتخلى عنها أصحابها؛ لأنها مصدر رزق لهم ولأنها حرفة الآباء والأجداد. جريدة الرياض

المدهلة تُطبخ فيها الأشياء التي لا تنضج بسرعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق