الأحد، 20 مارس 2016

"القبار" ذهب أخضر في قلب البادية

على مدّ النظر تتناثر شجيرات شوكية عرفت باسم "القبار" لتغطي مساحات كبيرة ميزت المنطقة المصنفة بأنها خارج خط المطر لتنتج مادة علاجية هامة وفريدة من نوعها، هذه النبتة البرية التي كان أصحاب الأراضي يكافحون نموها منذ بضع سنوات أصبحت اليوم مصدر رزق أساسياً يتهافت الكبير والصغير على قطاف أزرارها التي تباع بأسعار عالية وتستخدم في علاج أمراض عديدة.
تكبير الصورة
للتعرف أكثر على نبتة "القبار" موقع eHoms زار بلدة "جب الجراح" التي تشتهر بنمو "القبار" في أراضيها بشكل كبير، وعنها حدثنا الأستاذ "دياب العبد الله" من أبناء البلدة قائلاً: 

«"القبار" نبتة صحراوية صنفت حراجية في السنوات الثلاث الماضية، أوراقها قريبة من ورق الزيتون وشكلها أيضاً إلا أنها تبقى أرضية، وهي نبتة موسمية تنمو أغصانها على شكل أفرع مرصوفة على التوالي بورقة وشوكة وزهرة، وهي نبتة يلائمها الجفاف، فكلما اشتدّ الحرّ والجفاف ازداد نموها، فإذا كثرت الأمطار في فصل الربيع تأخر إنباتها حتى شهر أيار أما في حال كان المطر قليلاً فيبدأ الإنبات من شهر آذار».

وعن فوائد هذه النبتة يقول "دياب": «القبار له فوائد عديدة في الشفاء من أمراض المعدة وتشنجات الكولون، فهو يغني بالمطلق عن كافة أنواع المسكنات المستخدمة لآلام المعدة، كما أن شرش القبار يستخدم في علاج آلام الظهر ولكن هنا يجب استخدامه بحرص كبير وتحت إشراف طبيب لأن شرش القبار يحتوي على مادة حارقة قد تسبب حروق من الدرجة الثانية إذا أسيء استخدامها».

يضيف "دياب" من ناحية أخرى: «يعتبر القبار من أهم الأنواع النباتية التي تؤمن غذاء النحل ففي حال وجود عدة أصناف نباتية إلى جانب القبار يقوم النحل بجني الرحيق من القبار أولاً ويفضله على أي صنف آخر، والحقيقة أن زيادة جني أزرار القبار أثر على النحل وهناك أشخاص في القرية أصيبوا بخسارات كبيرة 
تكبير الصورة
"علي سليمان ودياب العبد الله"
في تربية النحل من جراء الإقبال الكبير على جني القبار الذي يعتبر غذاء رئيسياً للنحل».

وعن طريقة جني القبار يخبرنا السيد "محمد الناعمة" من أبناء البلدة والذي يعمل في هذا المجال قائلاً:

«نقوم بقطاف القبار في فترات الصباح وبعد الظهر، وموسم الجني يتم منذ بداية الشهر الخامس ويمتد حتى الشهر الثامن، أي على مدى ثلاثة أشهر، ويتم قطاف أزرار الزهر باليد، وعملية القطاف تستمر بشكل يومي فمع كل صباح هناك أزرار جديدة تنمو، والأزرار التي نقطفها يكون حجمها بحجم حبة العدس أو أكبر بقليل، وكلما كانت الحبة صغيرة كانت فائدتها أكبر وسعرها أعلى، أما في حال بروز الزهرة منها فتفقد الكثير من خواصها الطبية ويقل سعرها. أما الزهرة التي تبقى بلا قطاف فترمي ثمرة بيضوية الشكل وحلوة المذاق قلبها أحمر وغلافها أخضر وتستخدم في صنع المربيات».

يضيف "محمد": «عملية القطاف صعبة فكل زر مرفق بشوكة ويحتاج العامل لمدة ساعتين لقطاف /1/ كيلو غرام من القبار، ثم نقوم ببيع القبار المقطوف كل يوم بيومه حيث نسلمه إلى أحد مراكز القرية التي يقوم أصحابها بشراء القبار وحفظه لديهم في أوعية خاصة حتى يتم بيعه إلى التاجر المتعاقد معه».

ويوضح لنا عملية تسويق القبار أحد أصحاب مراكز شراء القبار السيد "علي العبد الله" حيث يقول:

«في عملية تسويق القبار يحسب ثمن الزر بحسب صغره فكلما ازداد حجمه قل سعره، ويتم فرز الأزرار 
تكبير الصورة
القبار بعد جنيه
بحسب حجمها من خلال استخدام غربال خاص لهذا الغرض يحتوي على مقاسات مختلفة تفرز كل زر بحسب حجمه وعلى أساس الحجم يتحدد السعر.

أما كميات القبار التي يجنيها العمال فأقوم بشرائها منهم لتتم عملية تخزينها عن طريق غمر القبار بالماء والملح، ثم أقوم بتسليمها إلى التاجر الذي يصدّر قسما منها إلى العديد من الدول العربية والأجنبية، ويخزن القسم الآخر أو يتم تعليبه». 

وعن أسعار القبار يقول "العبد الله": «أسعار القبار متدنية في هذه السنة فقد وصل سعر الكيلو كحد أقصى إلى /40/ ليرة سورية وهو سعر متدنٍ جداً ولا يعوض الجهد المبذول لقطافه، ويعود انخفاض السعر إلى تحكم التاجر بأسعار القبار، وبالتالي هناك عدم استقرار في سعر القبار، ويقدر موسم القبار للعائلة التي تجني حوالي خمسين ألف ليرة سورية في حال كان السعر جيداً، كما أن حجم القبار المقطوف له دور كبير في تحديد السعر فالقبار ذو الأزرار الصغيرة يقدر سعر الكيلو غرام الواحد منه بحوالي /90/ ليرة سورية، أما في حال بداية تفتح الزهرة فيهبط سعر الكيلو إلى /20/ ليرة سورية وهو فرق كبير بين السعرين، أما السعر الذي يبلغه القبار حتى يصل إلى المستهلك النهائي فيبلغ أضعاف الأسعار التي يدفعها التاجر للعمال». 

أما الاستخدامات الأخرى للقبار فيقول "العبد الله": «يستخدم القبار أيضاً في أنواع عديدة من المأكولات والمقبلات كالسلطات وغيرها، فضلاً عن استخداماته العلاجية وحالياً 
تكبير الصورة
"علي العبد الله" صاحب مركز تخزين القبار
هناك بعض الشركات التي بدأت بتسويق القبار بشكل معلّب».

وعن نسبة العمال الذين يعملون بها يحدثنا الأستاذ "علي سليمان" قائلاً: «هناك نسبة كبيرة من الأهالي الذين يجنون القبار فهي مصدر رزق الكثيرين في المنطقة، يساعدهم في ذلك انتشار كميات كبيرة من "القبار" في الأراضي، فطبيعة المنطقة الجافة تساعد على نمو القبار وحالياً أصبح هناك اهتمام كبير بهذه النبتة فغدا الكثير من أصحاب الأراضي يزرعون القبار لما تمتلكه من أهمية اقتصادية تساعد في زيادة فرص العمل بين الشباب وتؤمن مورد دخل جيد».

http://www.esyria.sy/ehoms/index.php?p=stories&category=misc&filename=201006301410083

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق