أكدت أن استئناس الخيل يعود في الأصل إلى الجزيرة العربية
صورة لتقرير «المقر» المنشور في موقع «البي بي سي».
أبرزت شبكة BBC الإخبارية البريطانية المكتشفات الأثرية التي تحويها أرض المملكة العربية السعودية، وركزت على اكتشاف موقع المقر التاريخي، موضحة أن المكتشفات الأثرية في الموقع تؤكد وجود حضارة قديمة يتجاوز عمرها تسعة آلاف سنة قبل الوقت الحاضر في الجزيرة العربية، وأن استئناس الخيل يعود في الأصل إلى الجزيرة العربية، وأن هذا الاكتشاف أوقد شرارة الاهتمام بالتاريخ القديم للجزيرة العربية.
وأكدت BBC في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني "أن دلالات المكتشفات الأثرية الأخيرة في المملكة العربية السعودية تشير إلى حضارة سابقة مجهولة استقرت في الجزيرة العربية"، مشيرة إلى أن حضارة المقر المكتشفة قدمت دلالات تشير إلى حضارة ازدهرت منذ آلاف السنوات، وأن هذه المكتشفات جددت الاهتمام العلمي بالإنسان وتطور علاقته مع الحيوانات.
وأضاف التقرير "القطع المكتشفة في موقع حضارة المقر تتضمن أدوات حجرية، ورؤوس سهام، ومساحن صغيرة لسحق الحبوب، ومجسمات لعدد من الحيوانات مثل الخيل والخروف والماعز والنعام".
ونقلت BBC عن الدكتور علي الغبان، نائب الرئيس للآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والآثار، قوله "إن فحوص الحمض النووي وكربون – 14 أُجريت، وإن الدلالات الأولية تشير إلى أن الآثار تعود لتسعة آلاف سنة قبل الوقت الحاضر، وأن هذه المكتشفات تعكس أهمية الموقع كمركز للحضارات".
وأضاف "قد يكون الموقع مهد حضارة قديمة متطورة شهدت استئناس الحيوانات، خصوصاً الخيل منها، خلال العصر الحجري الحديث"، مبيناً أن من أهم المكتشفات التي تم العثور عليها مجسم تظهر رأس ولجام وكتف وملامح الخيل، وتمتاز القطعة من حيث الحجم حيث يزيد وزنها على 135 كيلوجراما".
ووصف الغبان اكتشاف حضارة المقر بأنه "اكتشاف مذهل يثير كثيرا من التساؤلات حول وقت توقف الإنسان عن صيد الخيول البرية وبدء استئناسها واستخدامها للتنقل"، مشيراً إلى أنه يوجد في الموقع مؤشرات كبرى حول الثقافة العربية الأصيلة مثل الفروسية، والصيد بالصقور، والصيد بالسلوقي، ولبس الخنجر.
وأكد الغبان أن المكتشفات الأخرى التي تم العثور عليها في الموقع نفسه لمجسمات أصغر حجماً لحيوان يشبه الخيل، فتحت أبواب الاحتمالات بأن هذه الحضارة المتقدمة كانت تستخدم أدوات الاستئناس لتربية الخيول.
وتساءل تقرير BBC، عما إذا كان العلماء سيعيدون النظر في مكان استئناس الخيل وتاريخه بعد هذا الاكتشاف اللافت، خصوصاً أن علماء الآثار وغيرهم من المختصين صرحوا بأن أول استئناس للخيل كان قبل ستة آلاف سنة غرب كازاخستان، منوهاً بأنه توجد مسائل كثيرة تواجه الفريق العلمي الدولي الذي يضم مجالاً واسعاً من التخصصات، والذي تم تشكيله لدراسة هذه المكتشفات، متوقعاً أن ترسم خبراتهم المميزة لوحة تعكس الحياة في المنطقة خلال عصور ما قبل التاريخ.
ونسب التقرير إلى مايكل بتراليا، أستاذ كرسي عصور ما قبل التاريخ في جامعة أكسفورد للتاريخ بالكربون المشع، والذي يعمل في موقع المقر، قوله إن "تاريخ الموقع يعود إلى ما قبل التوقعات الأولية، ويمكنه الكشف عن الكثير فيما يخص التقلبات بين الفترات المطيرة والجافة في شبه الجزيرة العربية، موضحاً أن "عمر قطعة الخيل يشير إلى مرور شبه الجزيرة بفترة مطيرة، وأن هذه المعلومة مهمة عن منطقة يقال عنها الآن صحراء قاحلة، ولا بد أنها في الماضي كانت وادياً خصباً، ومجرى نهر، فالدلائل تثبت وجود السفانا والأراضي العشبية في المنطقة المحيطة".
وأضاف بتراليا "بقايا الأدوات الحجرية الأخرى التي عثر عليها في الموقع مثل مساحن سحق الحبوب، التي تعود إلى ما يزيد على 50 ألف سنة، تشير إلى أن المقر كان مؤهلاً لاستضافة الإنسان واستيطانه على مدى آلاف السنوات"، لافتاً إلى أن "المنطقة كانت مجرى نهر، ويوجد بها وادٍ ضخم يقطع المنطقة، وقد كان النهر يجري غرباً، ويتحول إلى شلالات، وينقل المياه إلى الأراضي الأقل الخصوبة غرب المقر".
وزاد بقوله "كان المقر يقع على ضفتي النهر، واستوطن الإنسان هذه المنطقة قبل التصحر الأخير أو قبل أن تنتهي التغيرات المناخية القاسية إلى الظروف المناخية الصحراوية الجافة وتكون الصحاري".
وأورد التقرير تصريحاً للدكتور عبد الله الشارخ، أحد علماء الآثار بجامعة الملك سعود، والذي وجد مجسمات حول أحد المباني، وقال "إن هذه النتائج قد تكشف دلالات جوهرية عن التجارة والهجرة، ومن شأنها الكشف عن الحياة الاجتماعية والثقافية، وسيستغرق ذلك كثيرا من الوقت، لكن الدلائل موجودة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق