الأحد, 06 مايو 2012
لطالما كان توقّع المستقبل عملاً مُجهِداً، ويمكن تلمّس ذلك من مشاهدة تقرير الأحوال الجوية على شاشة التلفاز. أحرزت توقعات الأحول الجوية تقدّماً كبيراً، لكن في كلّ موسم تقريباً تظهر عاصفة ثلجية من حيث لا يدري أحد، أو يتبين في النهاية أن عاصفة أشارت التوقعات إلى أنها ستكون «عاتية»، هي مجرد عاصفة هادئة.
وخلال السنوات العشر الماضية، برهن العلماء أن من الممكن ملاحظة تساقط الثلج وقياس الكمية المتساقطة سنوياً في مساحة محددة من موقع مراقبة في الفضاء. لكن معلومات كثيرة حول الثلج لا تزال مجهولة.
وبحسب غايل سكوفرونيك-جاكسون، المتخصص في استشعار الثلج من بُعد، في مركز «غودارد سبايس فايت سنتر» التابع لوكالة «ناسا»، «لا نزال نبحث في طُرُق قياس الثلج من الفضاء. ونراوح مكاننا منذ 40 عاماً في تقنية قياس المطر».
ويدعم اختبار الهطول في موسم البرد مهمة لقمر اصطناعي متخصص في هذه القياسات، يتوقّع وضعه في مسار حول الأرض عام 2014.
ويشكّل قياس المتساقطات بواسطة الأقمار الاصطناعية مهمة علمية من شأنها أن تصوغ معايير جديدة في هذه العملية، ما يوفر ملاحظات عن الموجات المقبلة من المطر والثلج عالمياً، كلّ ثلاث ساعات. وفي إطار هذه المهمة، يسعى فريق علمي يقوده سكوفرونيك-جاكسون، لجمع معلومات عن ديناميكيات الثلج داخل السحُب، لأنها مرتبطة بكيفية تحرك الثلج عبر المياه في الأرض، وتعاقب دورات المناخ.
ويُذكَر أن عمليات قياس تساقط الثلج الدقيقة مهمة بالنسبة إلى مجالات متنوّعة، ما يتعدى مجرد توقعات الأحوال الجوية. إذ يمثّل الثلج أحد مصادر المياه الأساسية في المناطق الجبلية. ومثلاً، يشكّل الثلج المتساقط سنوياً في جبال «سييرا نيفادا» الأميركية، ثلث الإمدادات المائية لولاية كاليفورنيا بأسرها. وكذلك يوفّر الثلج الذائب في فصلي الربيع والصيف مياه الشرب والريّ لقطاع الزراعة في كاليفورنيا البالغة قيمته 37.5 بليون دولار. ويؤدي الجفاف وتغيّر المناخ إلى تقلص الموارد المائية، ويظهر المدراء حاجة أكبر من أي وقت مضى إلى معرفة كمية المياه الموجودة في الثلج تحديداً.
المطر مقابل الثلج
في المقابل، يقتضي التوصل إلى هذه المعرفة، أن يتعرّف العلماء أولاً الى كمية المياه التي يحتويها الثلج عند هبوطه إلى الأرض. ويتطلب تحديد كمية المياه التي تتساقط على شكل ثلج التوصل أولاً إلى التمييز بين الثلج والمطر. فظاهرياً، من البديهي أن المطر سائل ورطب والثلج صلب ومجمّد. لكن المطر والثلج غالباً ما يتساقطان في الوقت نفسه أو الثلج قد يذوب ويتحول إلى مطر.
ومن أجل التمييز بين المطر والثلج، يستخدم العلماء جهازاً لقياس الأشعة ذات الموجات الصغيرة. ويقيس هذا الجهاز عبر الموجات الدقيقة التي تنبعث عادةً من الأرض طيلة الوقت، بمعنى أن هناك موجات تنبعث أثناء ظواهر طبيعية مختلفة، لذا فإنها تملك تردّدات مختلفة، إذ يصدر المطر موجات دقيقة ذات تردد أدنى، فيما يُحدِث تساقط الثلج موجات لها تردادات مرتفعة نسبياً. ويتلقى جهاز قياس الإشعاع، مثل جهاز الراديو في السيارة الذي يلتقط ترددات إذاعات مختلفة، هذه التردّدات المتنوّعة، ما يعطيه القدرة على التمييز بين المطر والثلج. وتزداد الموجات قوةً عند هطول المطر بغزارة أو اشتداد معدل تساقط الثلج.
وحاضراً، تستطيع بعض أجهزة قياس الإشعاعات المُركّبة في مجموعة من الأقمار الاصطناعية أن تميّز بين الثلج والمطر، لكن ضمن حدود ضيّقة تماماً. وتظهر التعقيدات عندما تتطابق الترددات الصادرة من المطر السائل والثلج المتساقط. وتأمل «ناسا» أن ترصد الفوارق في التردّدات بين هاتين الظاهرتين المتمايزتين. صحيفة الحياة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق